جميع الحقوق محفوظة لصاحبة المدونة ، ويمنع النقل أو الاقتباس بأي شكل من الأشكال إلا بالإشارة للمصدر. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أحدث التعليقات

ThemeLib

احصائيات المدونة

"مايكرويف " الثقافة أين يذهب بنا!!!!!!

((أخشى أن تستمر المطابع في أن تقذف كل ثانية بعشرات الصفحات المرصوص عليها مئات الكلمات حتى نعجز عن اللحاق بها،وبالتالي عن الاهتمام بها،وبالتالي عن الانتفاع بها ... وحدة .. وحدة يا مطابع وحياة شرف المعنى)) {عن كتاب : حكمة المجانين،للدكتور يحيى الرخاوي}



حقيقة لم أكن أتصور أن يوما سيأتي وأشتكي فيه من كثرة الكتب والمقالات !!! فالإنسان يقف عاجزا عن المتابعة،بل أصبح لكثرة المقالات والكتب لا يجد الوقت الكافي للقراءة المتأنية .. بل إن مما يؤسف له أن الكتاب قد أصبح – وأضحى - ضحية للشبكة العنكبوتية،لأن من غرق في بحار – أو محيطات الشبكة – لن يجد الوقت الكافي لمصاحبة الكتاب ... وشيئا فشيئا يتم هجر ذلك الصديق الوفي والخل الذي لا يهجر ... ولعيني من؟!!!!!!!



سيل من الرسائل – لا شك أن بعضها في قمة الفائدة والمتعة – يختلط فيه الجيد بالرديء .. بل إن فصل جيده عن رديئه يستهلك وقتا لا يستهان به ... أشرت إلى الرسائل المفيدة والممتعة – وبعضها يشتمل على كتب جاهزة للتحميل – وأضيف أن هناك الرسائل التي تدور بين السيئ .. والسيئ جدا ... والتحذيرات المتكررة من الأدوية والأطعمة المضرة .. والتنبيه على إساءة للإسلام هنا وأخرى هناك ... والبحث عن الأطفال التائهين ... إلخ.



ذلك الخليط غير المتناسق يصنع (متاهة) أو ساقية ندور معها أو تدور بنا ...



الذي أخشاه – أو أخشى منه – يتلخص في الخوف من الانصراف عن الاهتمام بالقضايا – الاهتمام الحقيقي والفاعل – والاكتفاء بــ(إعادة الإرسال)!!!!!



لتقريب الصورة أنظر إلى ردة فعلك عند مشاهدتك – أول مرة – لقتيل أو جريح .. ثم انظر ما ذا يفعل (التكرار) !!!!!!!!!!! لدرجة أن النساء – رقيقات المشاعر أو هكذا يُفترض – أصبحن يرسلن صور (الأشلاء) بمعنى أن مشاهدتهن لها أصبحت – مع التكرار – من الأمور المعتادة {لي كلمة لم تُنشر – ضمن كراس "حتى لا يذيب الصمت ألسنتنا "- عنوانها : ( الصورة حين تقتل الإنسان داخل الإنسان)}.



"مايكورويف" الثقافة



حين أسمي (النت) بــ ("مايكورويف" الثقافة ) فتلك قناعة شخصية ... ولا تقلل من الإمكانيات الهائلة التي وفرتها الشبكة العنكبوتية .. ولكنها شبيهة – في طريقة الإعداد والتذوق – بما يطهى في (المايكرويف)!!!



من التأريخ



كالعادة أحب العودة إلى التأريخ .. لذلك لن أكتفي بعبارة (أخينا المجنون )،فبين يديّ عدة نصوص :



هذا نص من سنة 1600،يقول فيه برنابي رتش :



(( إن من الأمراض الفظيعة في هذا العصر هو هذا السيل الضخم من الكتب التي تثقل كاهل العالم غير القادر على هضم هذا القدر الكبير من المادة التافهة التي تخرج إليه كل يوم)). وبعد هذا النص بثمانية وعشرين سنة، كتب روبرت بيرتون سنة 1628 :



(( إننا مهددون بفوضى وتشويش لا حد لهما من الكتب التي ترهقنا، فتصاب أعيننا بسبب القراءة، وتتألم أصابعنا بسبب تقليب الصفحات ) { قصة الحضارة / ول ديورانت / ص 97 جـ 1 مجلد 7 : ترجمة محمد أبو درة }.



ومن 1600،إلى سنة 1993 و آخر حديث لــ(روجيه كايوا) أجرته معه مجلة (نوفيل أو بسرفاتوار ) قبل وفاته بأسبوع واحد،لمناسبة صدور آخر كتبه ( نهر آلفي) :



(وقد قرأت بنهم يكاد يكون مرضيا،تراكم عندي نوع من الرعب عندما رأيت هذا التضخم الهائل في الكلمات الجديدة،هذه الجبال من الكلمات المخترعة (..) أخذتني رعدة الخوف من هذه المزايدة المستمرة،وبدا أنه ينبغي لي،ولو بالقوة ،أن أستجمع نفسا عميقا استعيد به نفسي التي تكاد تغرق في بحر من الحروف والإشارات المكتوبة،لأتزود بأسرع وقت ممكن من زاد الواقع والعالم الحقيقي. (..)



* وهل أنت جاد حقا في إدانتك للكتابة؟ أو أنك تشير إلى مفارقة تستحق التبصر؟

- الحقيقة أنني أكره الحشو والتكرار والعوالم المستعادة المكررة،أكره المرايا التي تعكس الصور إلى ما لا نهاية. أكره هذا التكثير وأكره المكثّرين الذين يضيفون مواليد جدد إلى عام غاص بالمواليد. الحق أن الكتابة هي الآلة المثلى لتكثير العوالم والفضاءات المتكررة المستنسخة ... لقد قررت إذا أن أغلق هذين القوسين (أو الهلالين) اللذين انفتحا في حياتي عندما توقفت عن الجهل بالقراءة والكتابة. أحاول الآن أن أعثر على نبض الحكمة القديمة وأن أعثر على ما كنته قبل أن أدخل في المحيط دخول نهر "آلفي" ) { مجلة الشروق الإماراتية العدد 53 في 8/4/1993م}.



فهل الشكوى من كثرة الكتب – وما في حكمها – له ما يبرره ؟!! أم أنه مجرد (ترف) في وقت نشتكي فيه – كأمة – من قلة (الكتب) قياسا على الدول المتقدمة؟!!!!!!!!



محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة في 17/7/1431هـ


0 التعليقات:

إرسال تعليق

تعليق

اليوم يصادف

المتابعون

تم تصميم القالب بواسطة : قوالب بلوجر عربية